منظمات حقوقية ودولية تبدي قلقها إزاء قمع إيران العنيف للتظاهرات

منظمات حقوقية ودولية تبدي قلقها إزاء قمع إيران العنيف للتظاهرات
احتجاجات على وفاة الشابة الإيرانية "مهسا أميني"

تصاعد القلق الدولي حيال ما وصفه ناشطون بحملة أمنية "دامية" في إيران ضد متظاهرين خرجوا احتجاجا على وفاة الشابة "مهسا أميني"، بعد توقيفها على أيدي "شرطة الأخلاق" في طهران، وفق “فرانس برس”.

وخرج رجال ونساء إيرانيون في تظاهرات في مدن وبلدات في جميع أنحاء البلاد الثلاثاء لليوم الرابع على التوالي على الرغم من مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل في احتجاجات الاثنين، مرددين هتافات ضد القيادة الدينية في البلاد، وفق ما أظهرت صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

واندلعت الاحتجاجات للمرة الأولى في محافظة كردستان بشمال إيران مسقط رأس أميني، قبل أن تنتشر إلى طهران والمدن الكبرى مثل رشت في الشمال وبندر عباس في الجنوب وكذلك مدينة مشهد المقدسة في الشرق.

وأعلن محافظ كردستان الإيرانية، إسماعيل زاري كوشا، الثلاثاء، في تصريح نقلته وكالة أنباء فارس أن ثلاثة أشخاص قتلوا في ظروف مشبوهة من دون تحديد تاريخ الوفيات.

ولم يذكر أي تفاصيل عن الوفاة الثالثة أو متى حدثت عمليات القتل.

ونقلت وكالة فارس عنه قوله إن "أحد مواطني مدينة ديفاندره قتل بنوع من الأسلحة العسكرية التي لا تستخدمها القوات المسلحة"، مضيفا أن شخصا آخر قتل في مدينة صاغيز و"ترك في سيارة بالقرب من مستشفى".

وأفاد نشطاء بأن عشرات الأشخاص أصيبوا أيضا، واتهموا القوات الأمنية باستخدام الذخيرة الحية التي تسببت في وقوع إصابات.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن شهادات شهود وتسجيلات مصورة تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي "تشير إلى أن السلطات تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين واستخدمت على ما يبدو عنفا قاتلا في محافظة كردستان".

وأكدت الباحثة البارزة المتخصصة بالشأن الإيراني لدى "هيومن رايتس ووتش" تارا سبهري فار أن "القمع باستخدام الغاز المسيل للدموع والقوة القاتلة ضد المتظاهرين الذين يطالبون بمحاسبة المسؤولين عن وفاة المرأة أثناء احتجازها لدى الشرطة يعزز طبيعة الانتهاكات الحقوقية للحكومة والإفلات من العقاب".

في جنيف، أفادت الأمم المتحدة بأن المفوّضة السامية لحقوق الإنسان بالإنابة ندى الناشف أعربت عن قلقها حيال وفاة أميني و"ردّ قوات الأمن العنيف على المتظاهرين".

ولفتت إلى وجوب فتح تحقيق مستقل في "وفاة مهسا أميني المأساوية وفي الاتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة".

عمليات قتل ترتكبها الدولة

وأفادت "منظمة هنكاو لحقوق الإنسان" الكردية، ومقرها النرويج، بأنها تأكدت من سقوط ثلاثة قتلى في محافظة كردستان، مشيرة إلى أن الضحايا سقطوا في بلدات ديواندره وسقز ودهغلان.

وأضافت أن 221 شخصا أصيبوا بجروح، بينما تم توقيف 250 آخرين في منطقة كردستان التي شهدت إضرابا عاما الاثنين.

وذكرت أن فتاة تبلغ من العمر 10 سنوات انتشرت صور جسدها الملطخ بالدماء على مواقع التواصل الاجتماعي، أصيبت في بلدة بوكان، لكنها على قيد الحياة.

وكشفت تسجيلات مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي صدامات عنيفة خصوصا في بلدة ديواندره بين المحتجين وقوات الأمن، بينما سمعت أصوات إطلاق الرصاص الحي.

وأوضحت صور على وسائل التواصل الاجتماعي استمرار الاحتجاجات الثلاثاء في كردستان وحول جامعات طهران الرئيسية، وأيضا بشكل غير معتاد في سوق طهران.

وردد المتظاهرون شعارات منها "الموت للديكتاتور" و"المرأة، الحياة، الحرية"، بينما كان بعض المحتجين يضرمون النيران ويحاولون قلب سيارات الشرطة في مدن عدة.

وقال مدير منظمة "حقوق الإنسان في إيران" محمود أميري مقدّم إن "على المجتمع الدولي ألّا يراقب بصمت الجرائم التي ترتكبها الجمهورية الإسلامية بحق شعبها".

ودعا الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إيران، الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، لمنع وقوع مزيد من عمليات القتل التي ترتكبها الدولة عبر دعم مطالب الشعب بنيل حقوقه الأساسية.

وذكرت المنظمة أن قوات الأمن استخدمت الهراوات والغاز المسيل وخراطيم المياه والرصاص المطاطي والذخيرة الحية في مناطق محددة "لاستهداف المتظاهرين مباشرة وسحق الاحتجاجات".

اضطهاد ممنهج

وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران إن قوات الأمن استخدمت الهراوات والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي والذخيرة الحية في مناطق معينة "لاستهداف المتظاهرين بشكل مباشر وسحق الاحتجاجات".

وأشار موقع "نت بلوكس" لمراقبة انقطاعات الإنترنت أن الإنترنت انقطع لأكثر من ثلاث ساعات في محافظة كردستان، إضافة إلى انقطاعات جزئية في طهران ومدن أخرى خلال الاحتجاجات الاثنين.

استياء دولي

وأثارت وفاة "أميني" استياء في العالم، إذ دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الاثنين "الحكومة الإيرانية إلى وضع حد لاضطهادها الممنهج للنساء والسماح بالتظاهرات السلمية".

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان: "ليس من المستغرب بالنسبة لنا أن نرى أشخاصا من مختلف مشارب الحياة يخرجون في إيران للاعتراض بشدة على ذلك، ويقولون إن هذا ليس نوع المجتمع الذي يريدون العيش فيه".

وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه نظيره الإيراني رئيسي الثلاثاء على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة على "احترام حقوق النساء" في إيران.

وفاة بعد غيبوبة

وتوفيت مهسا أميني (22 عاما)، وهي كردية من مدينة سقز في إقليم كردستان غربي إيران، في المستشفى يوم الجمعة الماضي، بعد أن قضت ثلاثة أيام في غيبوبة.

وألقت "شرطة الأخلاق" الإيرانية القبض على مهسا أمام محطة لمترو الأنفاق بتهمة خرق القانون الإيراني، الذي يلزم المرأة بتغطية شعرها وذراعيها ورجليها بملابس فضفاضة.

وقال شهود عيان إنها تعرضت للضرب داخل السيارة التي نقلتها إلى مقر الاحتجاز، لكن الشرطة نفت ذلك، زاعمة أن الشابة تعرضت لـ"قصور مفاجئ في القلب" أثناء انتظارها مع عدد من النساء في المقر للحصول على "توعية" بقواعد الحجاب.

ويلوم العديد من الإيرانيين المرشد الأعلى علي خامنئي بشكل مباشر، وتتم إعادة نشر خطاب قديم له على وسائل التواصل الاجتماعي يبرر فيه دور شرطة الأخلاق ويصر على أنه في ظل الحكم الإسلامي يجب إجبار النساء على الالتزام بقواعد اللباس الإسلامي.

وتعد هذه الاحتجاجات الأخطر في إيران منذ تظاهرات نوفمبر 2019 احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود، وهذه المرة تميزت بمشاركة أعداد كبيرة من النساء اللائي خلعن حجابهن في بعض الأحيان في تحدٍ لقوانين الجمهورية الإسلامية الصارمة، وفي أحيان أخرى قمن بإحراق الحجابات أو تمزيقها.

وفُرض الحجاب على النساء في إيران بعد مدة قصيرة من قيام الثورة الإسلامية التي أطاحت بالشاه عام 1979.

 

 

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية